عرض مشاركة واحدة
  #853  
قديم 14/10/2013, 21h55
Alfarabymusic Alfarabymusic غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:1729
 
تاريخ التسجيل: mai 2006
الجنسية: فلسطينية
الإقامة: الأراضي المقدّسة
المشاركات: 142
افتراضي رد: Re : وديع الصافي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Ajenoui Driss مشاهدة المشاركة
وديع الصافي في عز شبابه و هذا الموال الرائع الخ

كيما نثبت أنّ الوديع لا زال بيننا بفنّه وبإرثه العظيم :
هذه قطعة بعنوان المشحرة كان رفعها الأستاذ ادريس مشكوراً تحت عنوان "وديع الصافي في عز شبابه و هذا الموال الرائع"

المشحرة

لقد استوقفتني هذه المشحرة كثيراً إذ كنت أعتقدت أن موضوعاً كهذا ليس مدعاة لتلحين موّال ، إلا أنّ الصافي قد شاء أن يفاجئنا كعادته ؛ فأفلح .
لم أجد الى الشاعر سبيلا ، وان كنت أرجّح أن يكون أحد الأسعدين السبعلي أو سابا ، وإن كان لرشيد نخلة ولعبد الجليل وهبي وليونس الابن وحتى لمارون كرم صولات لا تقلّ عن هذه في هذا الباب وفي غيره !
هاكم اذن المشحرة ميسّرة الى الفصحى لمن لا يجد الى فهم مفرداتها المحكية اللبنانية سبيلا:

المشحرة : كومة مخروطية الشكل من الحطب الاخضر تحترق دون هواء فيتحوّل الحطب الى فحم ، أي أنها مكان صناعة الفحم والصانع مشحرجي وجمعها مشاحر. ومنها أتى المصطلح مشحّر ومشحّرة كناية عمّن وقع صريع النوائب تنتابه فيتّشح بالسواد .
ما أفجعك يا آكلة عماد الشجر
ما أفجعك : ما أشرهك . الفعل انفجع فهو مفجوع والاسم فجعة وفجعنة .
عماد : قاموسية وهي الخشبة تُسند عليها الخيمة ، كل ما رَفَع شيئاً ، دعامة رأسيَّة وجمعها عُمُد ، ما يعمد اليه والقصد هنا جذع الشجرة .
حلّك يا بنت النار حلّك تشبعي
حلّك : أما آن لك أن تشبعي يا ابنة النار وهي كنية للمشحرة لأنها تولد من النار.
الصبح انطفا وبقلبك الأسود وعي
وعي : استيقظ . بعد أن أتيت على النبات انطفأ الضوء ولم يستيقظ الا وهو في قلبك الأسود.
ورمّد عأرض جهنمك قلب الحجر
رمّد : احترق فصار رماداً ، ورمّد العنب أيضاً ، علـَته طبقة من رماد وهو من الأمراض الفطريّة المشهورة التي تعتري الكرمة وقد تأتي عليها .
يا ميتـّمة الغابات ! لبّستِ التلال
والجبال العالية مناديل سود
عا زرعة الانسان شو قلبك حقود
لمّن خْلقتِ تخزّق كتاب الجمال

تخزّق : تمزّق .
خلقتِ من المنشار بدقيقة غضب
والسنديانة بقلبك جوانح قصب
حوّلتِ السنديانة ذات الخشب الصلب الى قصبة . قصّب الشاة قطّعها إربا إربا والقصّاب معروف ، وقد يكون المقصد أنّ المنشار قد قطّع السنديانة بدقيقة غضب وألقى بها الى النار مقطّعة .
شو انسنّت فراريع ساعة مولدك
شو انسنّت : لكم سُنّت أي شُحذت ، فراريع : جمع فاروعة أو فرّاعة وهي آلة شبيهة بالفأس ذات هراوة قصيرة يقطّع بها الخشب ؛ ومنها اشتق الفعل فرَع الشجرة أي شقّها وفي اللغة فرَع رأسه بالعصا أي ضربه على أمّ رأسه.
يا مقبرة من نار عم تاكل حطب
عم: مقابلة ing في اللغة الانكليزية وتفيد معنى الفعل المستمر الحدوث. ولاحظوا طريقة لفظ حرف الميم في عم وهو أقرب الى الباء منه الى الميم
حطّاب قبل الضوّ كرمى لك غِدي
غِدي : نهض باكراً قبيل طلوع الفجر والغدوية هي ما بين الفجر وشروق الشمس . أما غَدي بالفتح فتفيد معنى الغداة .
شو قطّع شرايين شو تكّى رقاب
تكّى : أحنى وأمال أو ذبح أو نحر والجذر تكى سامي قديم يفيد المعنى ذاته ، وهو غير الجذر الذي منه "تكـّاية" أي مسند يتـّكأ عليه ، فذاك من وكأ .
بيزورك الغصن البيرشح بالندي
بيطلع بعبقة وجّ عا لون الضباب

عبقة : ضيق نفس أو أزما ومنها عبّق أي لم يستطع التنفّس ، وجّ: وجه ، وعبق وجهه أي احمرّ من ضيق تنفّس أو من خجل ، أما هنا فقد تلوّن الوجه بلون الضباب !
عم يحلم الكانون فيك والسهر
كانون : موقد من صفيح يجعل الفحم فيه ويشعل ليصبح جمراً للتدفئة والشيّ . اللفظة آرامية وقاموسية وتفيد كذلك معنى الأشهر الأول والثاني عشر من السنة.
والشرد جارح والشمالي عالطريق
الشرد : المطر الذي يحمله الريح فيدخل البيت من كوّة أو من نافذة . وقد استوقفتني هذه الكلمة إذ أنّ للشرد في محكيّة شمال فلسطين المتاخم للحدود اللبنانية الجنوبية معنىً مغايراً تماماً ؛ فالشرد عندنا هو الحرّ الشديد من جرّاء ريح شرقية لافحة . الشمالي : الهواء الشمالي وهو الألطف صيفاً والأبرد شتاء .
نسمته بتشكّ شكـات الإبـر
بتشكّ : شكّ أي وخز ، شكّات: طعنات أو وخزات من أداة حادة أو إبرة ، وما يميّزها أنها طعنات غير نافذة .
والبيت مزرقـّة حجاره عالدّنيق
الدنيق : البرد الشديد ، مزرقّة : لونها مشوب بالزرقة ، أما القصد منها في هذا السياق فهو الزرقة التي تعلو البدن من جراء البرد الشديد .

لست أدري ما الذي حدا بالوديع أن يتغنّي بمثل هذا الموضوع الجاف. قد يكون السياق الدرامي لقصّة تلك المسرحية المنسية هي السبب المباشر وقد يندرج هذا في إطار محاولات نقل أجواء الريف اللبناني الى المدينة ، على غرار طل الصباح وغابت الشمس والميجانا التي تتغنى بشغل الحصاد وما اليها، وقد تكون لذلك أسباب خاصة بالصافي وحده لا نعلمها . المهم أنّ هذه المشحرة ستضاف الى كنوز الريف الأخرى التي نفحنا بها الوديع على مرّ الأزمان لتكوّن معاً صورة بديعة قلّ مثيلها في التراث الريفيّ المغنّى في القرن العشرين .

عسى أن يكون في كلّ هذا منفعة لأحد

أخوكم
الفارابي
رد مع اقتباس