للراغب في الاستزادة ، هذه بضعة ملاحظات على ما تفضّل أبو صابر فرفع مشكوراً في هذه البابة :
عصفور
من شعر الشاعر المـُجيد أنطوان عيد ومن تلحين وغناء وديع الصافي ، الذي غناها في باريس بُعيد نزوحه اليها إثر اندلاع اقتتال الأخوة في وطنه (ينذكر وما ينعاد) . يُنصح كلّ من لم يسمع هذا التسجيل النادر أن يفعل ، لا من أجل سماع غناء الوديع ، وهي بحدّ ذاتـها نصيحة وجيهة بالفعل ، إنما لسماع إلقائه الذي لا يقلّ عن غنائه إطراباً ورخامة وتأثيراً ، وكدت أقول أكثر ، لولا خشيتي أن أؤلّب ضدّي أشياع الوديع .
هذا القرار الذي لم نعهده عنده من قبل ، وكأنه كان قد استيقظ من نومه لتوّه ، وعلى الرغم من بطء في سرعة التسجيل ، أقلّ ما يقال في هذه الدرجة الخفيضة التي يصلها وديع أنـّها مُرعبة .
بالغ الأسف على أنّ هذا التسجيل مبتور ومشوّش وبالغ الإشباع ، الذي لا داعي له البتّة حين الحديث عن تسجيل منفرد على العود ؛ فحبّذا لو تفضّل الأستاذ ادريس واسع المعرفة والاطلاع والصلات أن يبادر الى تنقيته من شوائبه وإعادة رفعه الينا بحلّة أصفى .
أرض البطولة
أعتقد أنّ القصيد موجود في المنتدى لمن يجدّ البحث عنه ، أو على الأقل متداول على أشرطة منذ صدوره ، وبجودة وبسرعة مضبوطتين . يبدو أن عملية نقل التسجيل من والى الأشرطة ومن ثمّ حوسبتها قد نالت من سرعته بمقدار عشرة بالمائة على الأقل ، والنصيحة أن يتمّ إسراعه بمثل هذه النسبة وسماع النتائج ، مع أنّ الدرجة الموسيقية التي يركن اليها القول مضبوطة على السلّم ، ورغم أن الوديع يأتي مقام الهزام من درجة "لا" وقد عهدناه يطأه على درجات أخفض .
صبحنا وفجر العيد
هذه نادرة بالفعل بصوت الوديع ، وقد كنا عرفناها بصوت زكي ناصيف واضع اللحن والشعر ، خلافاً لما يذهب سحاب في مسرده على أنها من تلحين الوديع . ويعتبر الوديع في المقابلة التي أدرجها أبو صابر ناصيفاً أحب ملحّن الى قلبه ، ويعدّه أحد أعمدة اللحن اللبناني الى جانب الرعيل الأول من الملحّنين اللبنانيين ، "يرضي لي قلبي في تلحين الأغنية صفاء لحن زكي ناصيف وصفاء نفسه" – قال لا فضّ فوه . أكاد أجزم أنني لم أسمع فجر العيد من الوديع من قبل ، رغم طول احتفالي بكل ما غنّى على طول العقود السبعة مذ راح يحترف الغناء عام 1937. التسجيل كسابقيه مأزوم ويبدو أن أشرطة المصدر قد هلكت من كثرة اللف فبلغ التعب منها مبلغاً ، وقد كان المصدر من أصله شرساً على الأذن . ولولا أنها نادرة بالفعل لنصحت بحذفها ، إنما لا بأس من الأبقاء عليها للأرشفة فحسب.
يا بيتي يا بويتاتي
لا داعي لأن يطلق عليها لقب الأهزوجة ، وهي طقطوقة عادية ممّا ألِفنا من الغناء الشامي وعند الوديع حصراً . كانت الشحرورة قد غنّتها وموّالها في التحفة التي جمعتها ووديع عام 1964 ، أعني "الضيعة والمدينة" من نسج شاعر الوديع "الملاكي" مارون كرم ومن تلحين الوديع . وقد عُرف منها تسجيلان : الواحد أعدّ لفيلم "أنت عمري" والثاني تسجيل الأستوديو الذي نعهده . استضاف الفيلم الى جانب أبطاله ع/سلام النابلسي وإحسان صادق وجاكلين ، كلاً من المطربين وديع الصافي والشحرورة ونجاح سلام وسميرة توفيق وفهد بلان ، وكان من إخراج محمد سلمان وجورج قاعي ومن إنتاج أنور الشيخ ياسين عام 1964.
أما هذا التسجيل فعلى قصره وأمراض المفاصل المزمنة التي يعاني منها كأخوته مما سبق ، نادر كونه بصوت الصافي المؤثّر للغاية . أما مرافقة وديع لنفسه على العود فهي مدرسة بحدّ ذاتها في المرافقة والميزان ، يرافقها غناء بالغ النظافة بالتقطيع وبتأخير النبر وبالتقاط النفس وباقي ملكات قلّما أتيحت لمطرب ، مما جعل الوديع وديعاً .
قلبي يهواها
هذه ليست "من لبّ الفولكلور اللبناني الشامي" ، إنما من اللون البدوي الذي ساهم في ارساء قواعده الموسيقي الأردني توفيق النمري ، الذي أعطى للوديع هذه الأغنية ، من تلحينه ومن شعره . ليس في الأمر انتقاص من التوصيف إنما توخّياً للدقة ، إذ أنّ ما يعرف بالغناء البدوي ليس ذا ملامح واضحة ويختلف فيه الدارسون ، فيصنّفون مثلاً من بين ما غنّى الوديع تسلملي عيونها الكحلى وحبيبي ونور عينيّ وويلي لو يدرون ويا هويدلك على أنها من الغناء البدوي ، بينما يذهب آخرون الى ضرورة إخراجها من القائمة "البدوية" .
لم أقف على مدى الندرة في هذا التسجيل سوى أنه مخالف لذلك الذي صدر من على قرص مطلع التسعينات من القرن الماضي ويتخلله تعليق لمذيع ما لم يقل شيئاً ذا بال . يعاني التسجيل وذلك الذي يليه "الله معك يا زنبقة" من آفتين سبق التعرّض اليهما : الجودة والسرعة وأحسب أنّ كلّ ما رفع عاليه من نفس الشريط الذي عانى فيما يبدو من مرض عضال قبيل نقله الى الحاسوب .
أما الأخيرة فهي من حفل ، ولست ممن يحفل بالحفلات مبدئياً ولذا سأغفلها في هذه العجالة .
لا بأس من رفع مثل هذه التسجيلات النادرة وحبذا لو نشط العضو قليلاً بحثاً عن تسجيل أجود أو في محاولة لإحياء ما بحوزته قليلاً قبل رفعه ، "وما في حدا وراه بعصا" . تريّث قبل الرفع لأجل الحصول على نسخة مضبوطة قبل الرفع ، فتسهم في رفع شأن مطربك .
رمضان كريم
أخوكم
الفارابي