الموضوع: الشيخ ريمون
عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 20/05/2011, 15h40
الصورة الرمزية تيمورالجزائري
تيمورالجزائري تيمورالجزائري غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:246641
 
تاريخ التسجيل: juin 2008
الجنسية: جزائرية
الإقامة: الجزائر
المشاركات: 1,259
Exclamation رد: الشيخ ريمون -1912/1961

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بلخياطي مشاهدة المشاركة
الشيخ ريمون -1912/1961

في الخامسة عشرة من عمري كنت أعزف في جوقته، وهو من اختارني كي أكون وريثه- إينريكو ماسياس
**
وضعه قدره على خط التماس بين تأجج الجغرافيا وحساسية التاريخ. في مسقط رأسه قسنطينة مدينة الجسور المعلقة، كان الشيخ ريمون أيضا جسرا يجمع بين تضاريس طائفتين في وقت كانت فيه أحداث التاريخ بصدد التفريق بينهما.
وهو من أب يهودي من مدينة باتنه، وأم مسيحية فرنسية من منطقة بروتون، جعلت منه حرفة الغناء بائعا للأنس والطرب في سوق زبائنه من المسلمين واليهود، لأنهم جميعا لا يتمثلون أفراحهم وحفلاتهم بعيدا عن أجواء فن المالوف الذي هو تجسيد لبيئة روحية مفتقدة وماض يتوهج الحنين إليه كلما أوغل في البعد.
رجل كانت ديانته المالوف (1)، كان محاطا بهالة احترام، الكل يقدر فنه ويعشقه بحيث "كانت الطرقات تخلو من المارة في قسنطينة حرصا على تتبع حفلاته الأسبوعية بالإذاعة ثم في التلفزة المحلية"(2). لكن حين حم القضاء، وانفجر بركان الغضب، في جزائر تتطلع إلى التحرر، و ترى في الطائفة اليهودية ريحا معاكسة، أو حاجزا يعترض حركية التاريخ، كان الشيخ ريمون ابن المدينة وأحد أعيانها، ممن دفعوا ثمن هذه الظرفية المحقونة والمتأزمة.
كلما ذكر الاسم اعتبر ذلك بمثابة وضع الملح على الجرح، لأن الرجل قتل في صيف 1961 في أوج احتدام حرب التحرير الجزائرية، وهو ما يحيل إلى طرد يهود المدينة الذين كان يبلغ تعدادهم 40000 نسمة، والموضوع عموما يعتبر نبشا في ذاكرة الألم. وهنا تجدر الإشارة إلى أن قرار فرنسا إعطاء يهود الجزائر الجنسية الفرنسية كان هدية مسمومة (3)، وهو ما أحدث شرخا بين اليهود من جهة وبين عامة الشعب الجزائري، حيث "الهوة بين اليهود والمسلمين كانت من صنع الاستعمار" كما يقول "إيميل مواتي" رئيس جمعية إخوة إبراهيم بفرنسا.
وقد جاءت عملية اغتيال الشيخ ريمون عكس مجرى الأحداث أو خارج منطق الأشياء، فالرجل كما عاش حياته كان محط تقدير من الجميع وكان رمزا يحيل إلى تراث حضاري شامخ هو فن المالوف، خاصة وأنه أحد أبرز وجوه هذا الطرب ليس في الجزائر فقط بل وفي المنطقة عموما. واقتران اسم ريمون ليريس بالمالوف في هذه الحقبة من تاريخ المدينة، وحرصه الشديد على التمسك بهذا التراث تحديدا هو في حد ذاته عمل نضالي، وهو عمليا فعل مقاومة لمشروع الاجتثاث الذي كانت تنهجه سلطات الاستعمار الفرنسي من خلال الاحتلال العسكري الاستيطاني واللغوي ونسف الجذور الثقافية لشعب الجزائر.
كان الشيخ ريمون يتمتع بذاكرة قوية حسب شهادات الذين احتكوا به وعاشروه، وهناك من ذهب إلى القول بأنه كان يستظهر ما لا يقل عن خمسة آلاف قصيدة لدرجة أن صار يطلق عليه آلة التسجيل. ورغم أن الرقم قد يكون صحيحا أو مبالغا فيه، إلا أن ذلك يؤشر إلى أن الرجل بالفعل كان حافظا للطبوع وراوية للمتن المغنى في فن المالوف من شعر وزجل وموشحات، بالقدر الذي أهله ليكون مرجعا في هذا الباب. وتذكر نفس المصادر أنه حين كان بصدد تلقي قواعد المالوف ولم يكن بعد قد اكتسب القدرة على مشاركة العازفين في جوقة شيخه عبد الكريم بستنجي(4)، كان يجلس في الأدراج منصتا، وبمجرد أن تنتهي الفرقة من العزف، تكون ذاكرته قد التقطت كل شيء.
غير أن نفض الغبار عن تراث الشيخ ريموند وبالتالي رد الاعتبار إليه وإعادة إحياء حقبة زاهية من تاريخ طرب المألوف في قسنطينة، لم يكن ليتم هكذا بمحض الصدفة لولا إسهامات شتى، وتضافر جهود عديدة وفي وقت متزامن إلى أن أتت هذه الجهود ثمارها الأولية.
فبالإضافة إلى "جاك ليريس" نجل الشيخ ريمون، كان طبيعيا أن الجهات التي تدخلت لم تكن لها أية صبغة رسمية، بل كان الطابع الذي يوحد بين هذه المبادرات، هو القناعة الشخصية بإعادة رأب الصدع في الذاكرة المشروخة، وتدارك ما فات ولإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وقد كان من بين أهم المساهمين في هذا الجهد كل من موقعه، نجم الغناء الفرنسي الجزائري "إينريكو ماسياس"، بوصفه التلميذ المباشر للشيخ ريمون "في الخامسة عشرة من عمري كنت أعزف في جوقته، وهو من اختارني كي أكون خليفته" ثم بعد ذلك توثقت الصلة بينهما باقتران هذا الأخير ب "سوزي" نجلة الشيخ ريمون. في حين كان عازف الكمان الشهير "سيلفان" والد "إنريكز" من بين أربعة عناصر اعتمدها ريمون في تشكيل نواة جوقته الخاصة.
الشروع الفعلي في النهوض بهذه المهمة أي مشروع إعادة إحياء تراث الشيخ ريمون، دشنها إنريكو بإصداره أغنية "مطربي المفضل" تكريما لأستاذه ريمون. ومنذ ذلك الحين وهو لا يفوّت فرصة إلا استغلها لتسليط الضوء على هذا الفنان، ومن ثم جاءت مساهمته في السهرة المدوية التي أحياها بغرناطة حيث تغنى بالعربية جنبا إلى جنب مع مطربين شباب جزائريين أو من مواليد المهجر، كما في حفلة ربيع بورج (18 أبريل1999) رفقة الموسيقي والباحث توفيق بستنجي (5)، أو في الدويتو الذي اشترك فيه مع الشاب مامي.
الباحث والأكاديمي الجزائري رافائيل درعي(6)، كان أيضا من السباقين إلى الإسهام في هذه المبادرة، ملقيا بثقله العلمي والإعلامي، فأدلى بدلوه في الموضوع، حيث أوضح بقوله: "إنني كنت أعتقد دائما أنه من الإجرام أن يندثر أيضا كل ما تبقى من ريموند ليريس وهو صوته".
كانت البداية عام 1979 حين كتب البروفيسور درعي مقالا في جريدة "لوموند" الفرنسية حول الشيخ ليريس مدفوعا بالحنين إلى المصالحة مع الذات والآخر والتاريخ. وكان درعي في هذا السياق قد أكد في لقاء مع الصحافة أن هاجسه الدائم ليس مجرد العودة إلى الجزائر المحررة، بل في خلق مصالحة معها، وأنه يعتبر مغادرتها إجحافا، أو عقابا على غلطة لم يرتكبها شخصيا، بل هو يعزو ذلك إلى لاعقلانية التاريخ l'irrationalite de l'histoire)).
إعادة الحياة لتراث الشيخ ريمون والرغبة في إعادة نشر أعماله على أسطوانات مدمجة هو ما حدا برافائيل درعي إلى التنسيق مع بقية الفاعلين وعلى رأسهم باعتراف الجميع الباحث والموسيقاني الجزائري توفيق بستنجي الذي يرجع إليه الفضل في بعث الروح مجددا في هذا الإرث الموسيقي. واهتمامه بالموضوع يعود إلى عدة عوامل أولها اشتغاله بالبحث الموسيقي ممارسة وتنظيرا، ثانيا يعتبر توفيق بستنجي من المنشغلين بالتراث الأندلسي، سيما وأنه تتلمذ على الشيخ محمد الطاهر الفرجاني (7)، ثالثا الصلة التي تربط جده الشيخ عبد الكريم بستنجي وهو من مشايخ المألوف، بريموند ليريس حيث تلقى هذا الأخير على يديه أصول هذا الطرب.
بالفعل وفي إطار هذا الجهد الجماعي ذي الطابع الأنتربولوجي من جهة والذي يكتسي مدلولا إنسانيا عميقا ونبيلا ، تمكن توفيق بستنجي من إنقاذ وإعادة تأهيل ما تم جمعه من تراث هذا الفنان، وهو ما تمثل في إصدار أقراص مدمجة بصوت الفنان إنريكو ماسياس، تحمل تعليقات وهوامش لكل من رافائيل درعي وتوفيق بستنجي.
________________
(1) الطرب المألوف: أحد فروع الطرب الأندلسي، وهو اللون السائد في تونس تحديدا وفي ليبيا كما في شرق الجزائر وخاصة قسنطينة، بوصفه تراثا أندلسيا من حيث انتماؤه لغرب العالم الإسلامي ثم خضوعه بالتالي لتعديلات فرضها تأثر هذه الأقطار بالموسيقى التركية العثمانية بفعل العامل السياسي والحضاري.
(2) كما ورد في مقال عنه نشرته جريدة Liberte'-Algerie"".
(3) بمقتضى قانون "كريميو" الصادر في 24 أكتوبر عام 1870 قررت سلطات الاستعمار الفرنسي منح يهود الجزائر الجنسية الفرنسية.
(4) عبد الكريم بستنجي: موسيقي جزائري من شيوخ طرب المألوف.
(5) توفيق بستنجي: فنان وموسيقاني. وهو حفيد لعبد الكريم بستنجي.
(6) رافائيل درعي: أستاذ العلوم السياسية بجامعة Aix Marseille lll، وله العديد من المؤلفات.
(7) محمد الطاهر الفرجاني فنان من مواليد (1929) أحد أعلام ومشاهير المألوف.

كتاب " اليهود في الغـنـاء المـغـاربـي والـعـربـي"
محند صقلي
إعلامي وكاتب مغربي مقيم بروما
ياسي بلخياطي هذا المقال موجه للاستهلاك الأجنبي ...فلا علاقة لأنريكو ماسياس"ممارسة فعلية" بالمالوف ...إنما هي تجارة و قضية مبيعات وتضخيم و تقزيم في الأدوار ...المالوف له أهله طبعا ريمون ليريس منهم ، سيلفان غرناسية منهم لكن لا وجود لأنريكو ماسياس من بينهم ..."سبق" ريمون كان تسجيل أعماله فخلد عكس معاصريه
رد مع اقتباس