نصوص من البكائيات الصعيدية
بعد الانتهاء من الجنازة ودفنها والرجوع من المقابر (يطلق علي المقابر الفساقي .. جمع فسقية .. أو الجبابين أو الجبانات جمع جبانة) .. يجتمع النساء وتبدأ مرحلة العديد واللي حرارته بتزيد لو كان اللي مات شخص عزيز أو شاب صغير أو له شأن ..
ولما ييجي وفد من المعزيات لابسات السواد يبدأن الصراخ قبل دخول بيت الميت ويستمر حتي يدخلن .. فتعرف النسوة الموجودات في البيت إن فيه وفد قادم للعزا .. فيصرخن هن أيضا للترحيب بالوفد القادم .. ثم يجلسن ويندمجن في العديد ..
وفي المناسبات الاليمة كالقتل أو موت شاب أو عروسة صغيرة السن .. لايكفي العديد للتعبير عن الحزن فيأخذن في الندب مع لطم الخدود وبعدين يعدن للعديد ...
والعديد علي الشخص يبدأ من مرحلة مرض موته .. هذا المرض الذي يصل بالمريض الي مرحلة لا يستطيع فيها حتي النوم أو الراحة علي أي جنب فيعدد علي نفسه ..
عيان قوي ووجيعتي مرة
ما نمتش علي جنبي ولا مرة
والكل يشفق عليه ..
اسم الله عليك ياللي الوجع كادك
حرَّمكْ نومك علي جْنابك
ولما الوجع يزيد يعاتبوا الوجع انه كان قاسي علي المريضة وسقاها مرار الحنظل (نبات مر الطعم)
وليش يا وجيعة وجعتيها
من الحنضل القاسي زقيتيها (سقيتيها)
الوجيعة دي اللي بتشل حركة الشاب القوي .. والبنت الحرة ..
والله الوجيعة حنضلة مرة
واتْخبل الشملول مع الحرة
والوجيعة دي بقا تتمادي ..
قالت الوجيعة انا المخبية
مسكين حاله اللي ابتلا بيا
والمريض اللي الوجع غلبه يروح يبكي والدموع نازلة أكوام .. وتتمني أخته تكون طبيبة تداويه
مالك تشيل عينك تكب دموع
ياريتني حكيم ومعايا دوا الموجوع
وأخته اللي مش مالكة حاجة له .. يزيدها ألم ووجع انه مستسلم ويائس من الشفا ..
كادني العيان وهو عيان
ويقول قليل ان قمت يا جدعان
وياسلام لما يقولوا فيه طبيب تنسي العادات والتقاليد وتطلع كاشفه راسها ملهوفة تسأل عن دوا
قالو حكيم طلعت له براسي
مامعاكشي دوا لابو وجع قاسي
ولو هي المريضة .. تلاقيها تقول لأخوها ..
ماعايزاش الحرير يا خوي تكسيني
بيت الحكيم يا خوي وديني
ويااااااااااااااه لما يستعطف المريض أمه ..
عيان يا امه تعالي حداي (جنبي)
حلي طروف الشال وهوِّي معاي (طروف الشال اطرافه وتهوي له بيه علشان حران وعرقان وحالته كرب)
ولما يدخل الطبيب يشوف المريض علشان يعالجه ويلاقي خلاص الأمور منتهية .. تقول
دخل الحكيم قعدت قدامه
قال يا شقية خلصت ايامه
ويستعد المريض لمغادرة الدنيا والرحيل .. فتقول أخته أو أمه أو زوجته أو بنته .. أيا كانت .. تصف حاله وهو يترنح ..
ساعة يكلمني وساعة يميل
وساعة يقول قلبي عليا تقيل
ساعة يكلمني وساعة يقع
وساعة يقول انا اتمليت وجع
خلاص عيون المريض متعلقة بعيونها .. مش لاقيه غير انها تبعد عنه بعيونها وتقوله غصب عني مش بخاطري ولا بايدي ..
ما تبصش بعينيك لعينيا
هو الحياة والموت بايديا
وهنا يلقي المريض رأسه علي المخدة أو الوسادة ليسلم الروح لخالقه ..
ياسيدي لما مال وراني
حدف العميمة مالفها تاني (العميمة هي العمامة)
يا سيدي لما مال ما اتكلم
حدف العميمة ماعاد يتعمم
انتهت الحياة .. وطلعت الروح للي خالقها .. والاخ يعز عليه انه يشوف اخوه مات ومضطر يغطيه وهو مش قادر ..
سبلوا الشقيق وضربوا عليه الكف (سبلوا يعني اغمضوا عيونه .. ضربوا عليه الكف يعني لطموا)
اخويا شقيقي ما ارميش عليه الطرف (الطرف هو الشال أو أي غطاء آخر)
-----------------------------------------------------------------------
( كتبت هذا الجزء وهو الجزء الأول من الموضوع علي عجالة .. ولي عودة مرة أخري لفنون البكائيات الصعيدية من العديد علي الشاب وعلي الطفل وعلي العريس والعروس وعلي القتيل وعلي الغريق وعلي .. وعلي .. وعلي .. إلخ .. وحكايات أتمني أن تحوز الاعجاب ... وفي نهاية الموضوع سأكتب المراجع التي استعنت بها ورواة وراويات العدودات )
التعديل الأخير تم بواسطة : علاء طه ياسين بتاريخ 26/09/2011 الساعة 19h17
|