الإخوان ميكري بين الأصالة والمعاصرة ( وجهة نظر قابلة للنقاش )
لابد من مناقشة هذا الموضوع في إطار تطور الأدب والفن عامة ، وما نعرفه في هذا المجال مثلا هو تطور الأدب العربي عامة والشعر خاصة ، وما يجري عليه يجري على الجانب الفني والموسيقي .
حيمنا ظهر الشعر الإسلامي والأموي اعتبره الناس إذاك ( حتى لانقول النقاد ) خروجا عن رصانة الشعر الجاهلي ، ولما ظهر الشعر العباسي اعتبره النقاد جديدا غير مقبول شكلا ومضمونا . لكن النقد الرصين – في كل زمان - كان دائما يعطي للتطور حقه المفروض باعتباره سنة للحياة لأن كل جديد مقبول ما دام في إطار القوانين الأساسية للفن وهي التعبير الصادق عن أحاسيس الإنسان حسب زمانه ومكانه في قوالب فنية متطورة عن الأصل الأصيل شكلا ومضمونا .فما قيل عن أبي نواس وأبي تمام مثلا في زمنهما أنهما ثائران عن الشائع المألوف لكن أصبح فنهما فيما بعد معيارا من معايير القواليب الفنية الرصينة شكلا ومضمونا ، بل ويتبارى الشعراء للوصول لدرجتهما ...وظهر الشعر الأندلسي وخاصة الموشحات منه والتي تعتبر أكبر ثورة على القولب الشعرية العربية لغة
وعروضا وإيقاعات لدرجة أنه استقل بنفسه وأصبحت له فروع وللفروع فروع أخرى على مساحة الوطن العربي فمنه خرج الزجل بالإضافة لما يعرف في المغرب بالملحون وغيره في كافةالوطن العربي ... فهل يحق لنا أن ننزع صفة الجودة الفنية عن كل هذه الفنون العربية المتطورة عن الأصل العربي ؟
لكل فن أهله ومتذوقوه ولكل فن مما ذكر قوانين وشروط وكلها تصب في إطار التعبير الصادق عن الأحاسيس والمشاعر الإنسانية النبيلة ولا حق لأحد أن ينزع عنها صفة الفن ما دامت تعبر عن المشاعر النبيلة وإن اختلفت الأساليب .
وما موقع هذا الكلام بالنسبة للإخوان ميكري ؟ لقد ظهرت هذه المجموعة في نهاية الستينات وبداية السبعينات من القرن الماضي فجددت في الموسيقى والمواضيع في وقت كان الفنانون المغاربة يبحثون عما يميز أغانيهم عن الشرق والغرب ولا يمكن لأحد غير المتخصصين في الموسيقى أن يتحدث عن الموسيقى الميكرية ، فالموسيقيون الأكاديميون هم وحدهم الذين يمكنهم الحكم على قيمة الموسيقى الميكرية التي طالما صنفت ضمن التطور الذي تشهده المويسقى الأندليسية عامة والغرناطية على الخصوص ن ويعتقد الكثير من الموسيقيين أن موسيقاهم نابعة من الجذور الأندلسية المغربية وخاصة إيقاعات شرق المغرب التي تعتمد موسيقى الطرب الغرناطي المنتشر في غرب الجزائر وشرق المملكة المغربية إلا أنها عزفت بآلات موسيقية حديثة وتوزيع جديد بدت من خلاله كأنها موسيقى غربية .
وكما يقال : من أراد العالمية فما عليه إلا أن يعمق بحثه في المحلية وقد بلغ الإخوان ميكري منذ زمن بعيد هذه العالمية أولا حينما سرقت منهم أغنية ليلي طويل من طرف أشهر فرقة أمريكية في السبعينات والثمانينات ( لي بونيم ) قبل أن يعترفوا بأصحابها الحقيقيين بعد لجوء الإخوان ميكري للمحكمة وثانيا حينما غزت ألحانهم كل أوروبا فكنت تسمعهم في فرنسا وهولندا والسويد وانتشرت في كل نوادي القاهرة .
فما دام للإخوان ميكري عشاقهم فهم إذن يشتغلون في إطار القوانين التعبيرية والموسيقية الإنسانية الأساسية .